Sunday, April 29, 2012

فين الحيوانات الي خلفتها؟؟؟ !!

  

9 قصص قصيرة جدا /أجزاء قصة واحدة  

 

1

المريلة لازم تطول


'قولي لهم في البيت إن المريلة لازم تبقى اطول' هذا  ما قاله  عمر مدرس العربي  و الدين لرنا ، طفلة عمرها 8سنين. عمر كان المدرس الجديد بالمدرسة الأرثوزكية. طويل القامة ممتلئ قليلا ذو شعر أشعث، قصير، وذقن خفيفة  قصيرة ببقع كثيرة خالية من الشعر. نادر الابتسام ، ونادر الإنفعال أيضا ..  بخجل ابتسمت الطفلة و عادت إلى مقعدها، تفكر باق اليوم فيما قاله ؟!

 نظرت  رنا إلى  شمالها  على مقعد تشاركه  رامي ،  تلميذ تنبذه.. لطالما توسلت ل "ميس نورا "  لتغير مقعدها إلى  جانب أشرف الهادئ ، المرتب ، النظيف...  مدرسة الفصل قررت أن تُجلِس التلاميذ بنت جانب ولد للقضاء على الكلام و الازعاج في الفصل.  وكلما كانا الطفلين غير متفقين كلما ضمنت الهدوء .  نجحت  فكرتها في نشر الهدوء في الفصل حينما زادت  المعارك  خارجه .
 "انت متعديش الخط ده!!" خط رسمته رنا على المقعد ليلتزم رامي بمساحة  المقعد التي إتفقا ودياً عليها من قبل  . رامي كان دائم الكر و الفر و الحركة و لطالما رأته يضع إصبعه في أنفه وإقشعرت من مجرد فكرة أن يلمس أشيائها و لطالما فُزعت اذا إقترب من محيطها بأصابعه القذرة . 
  أكملت  باق اليوم الدراسي و كأن ملابسها قذره مهلهلة . علامات الإستفهام ترفرف حول رأسها عن معنى نظرة غضب المدرس الممزوجة بإحباط لها.. رنا كانت طفلة حريصة  على نيل رضاء و ثناء  الاخرين  .. لسبب ما،  شعرت أنها مذنبة..

  في البيت،  نظرت والدتها لها بتعجب على طلبها 'قال لك انها قصيرة قوي؟'.. والدتها كانت سيده مثقفة تعلمت في الجامعة تربية الطفل و الاقتصاد المنزلي،  كانت  كاتبة أطفال  .. شخصية قوية، لطالما إندمجت في جدال و  نقاش عن مدى تربوية وأسلوب المعلم مع طفل..  بعد أن تسرد للسامع  خلفيتها التعليمية في شئون نمو الطفل و المعاملات التربوية المثلى... كانت غير نمطية،  فكثيرا ما تجاهلت أشياء و كثيراً ما كانت تنفعل على نفس الأشياء التي لم تزعجها من قبل..  بدون تعليق ، فكت طرف الزي الذي لم يكن فيه أكثر من عرض إصبعين ليطول و يصل إلى آخر الركبة. 

 رجعت الطفلة ثان يوم سعيدة بالإنجاز .. ألقى "مستر عمر"  نظرة خاطفة على زيها و بابتسامة فيها قدر عال من التعجب : 'ماما طولتها؟ طيب ..إرجعي مكانك.. ' رجعت رنا و في بالها باق اليوم تتسائل.. لماذا نظرة السخرية ..  لم تفارقها نظرة الاحباط المستمرة في ذهنها. 


2

يا حيوانه!!! 

 "لو عديت الخط هـأقول لميس نورا!!!"  صاحت في رامي  فنظرلها بتحدي و قال: "طب آهه" ثم فرد ذراعه و تغلغل  داخل حدود أرضها ... نظرت له بحدة لم،  تنطق كلمة.. ما كادت الحصة تنتهي إلا و انهالت على ظهر يده  بكتاب الحساب الكبير   ... صرخ رامي من الألم  ثم تراجع عن أن يبدي مدى تألمه من أثر الاعتداء ثم قال: "طيب يا رنا إن ما وريتك". ..  واثقة أنه لن يبادلها الضرب  بضرب "مش هامد  إيدي عليكي عشان بنت ..بس ح وريكي  يا حيوانه!!!"
   و  دخلت 'ميس نورا'  فعادت  الهدنة  لهذا اليوم فقط .. 

 ذات يوم،  حين كانت رنا  منهمكة   بتصويب ضربة قاضية بقبضة يدها على ظهر كف رامي الذي توغل بجزء منه داخل حدودها، دخل أستاذ عمر.. نظر لها بتعجب و اشمئزاز "انتوا عيال سفلة.. عيب كده!!!! بتعملوا إيه؟؟!! ..آخر مرة أشوف المنظر ده إنتي فاهمة؟؟!!  قوم اقعد جنب خالد... فز قوم!!! "  ثم بدأ يكتب على السبورة في صمت  و كأن فكره شارد  في عالم ثان ..   أما رنا فبعد ان أفاقت  من الصدمة بدأت تفهم ما حدث جلياً . معقول؟  هذا المدرس ظن أنهما  كانا يتشابكا الأيدي ؟ كما رأت مراراً في الافلام العربي  ..  ترى لو كان رآها  ممسكة برأس رامي بين يديها كي تصوب "روسيتها" الشهيرة .؟؟  ربما كان ظنها قبلة إذن  ... "يع !!" قالت لنفسها  ..  

3

يا رب عجلة

 -"نفسي ف بسكلتة".." طيب ،  لو نجحت السنة دي هاتجيبي لي بسكلتة زي شادي؟ " (أخوها)
-"هتعملي بيها إيه؟ طب هو ولد؟" أو :'أرجوكي سيبيني أنا عندي صداع' ،  الرد المفضل  لوالدتها للتخلص من أي نقاش..
 -والدها: يبتسم.. "حاضريا كتكوته " و "هتعملي بيها إيه و تلعبي بيها فين" ويعود لقراءة الصحيفة .. "إنتي تعرفي تركبي عجل؟ هتتعوري" و يعود للقراءة  ثانية ثم  يتخذ الصمت مخرجا و يتجاهل باق الاسئلة حتى تيأس رنا و تتركه في سلام .. .

 بمرور الوقت بدأت التعاملات تتغير و تحفر في ذاكرة رنا ..
تغيير كبير حدث عندما بدأ يبلغ شادي  و تتغير ملامحه و صوته .. من: ' خلي بالك من إخواتك' و 'انتي الكبيرة'  قبل ما يتركها  الوالدين مع أخواتها لحضور مناسبه أو للذهاب إلى العمل .. ل: 'إسمعي كلام أخوكي' و تستعجب رنا من التغير .. "أنا عايزة يبقى عنده شخصية و البت دي هتمحي شخصيته خالص"...  تتفرق العيدية و تتعجب رنا لماذا يُمنح شادي  ضِعف ما تُمنح هي وأخواتها؟ 'عشان هو ولد ' ( تعلل أمها)   ..  'لأ مفيش بنت تنزل تلعب في الشوارع .. هو ولد" .. 'يعني إيه بتزعق لك وتقولك سيبني أنام إرزعها بالقلم على وشها!!!! '
 ولأن رنا سلمت بأن حلم العجلة لن تناله من والديها  بعد أن يئست من نقاش أسباب استحاله الطلب  .. و كان والديها ميسرين.. قررت رنا أن تلجأ لله و معجزاته في دعاء  ليلة القدر ..  كل رمضان تصوم و تدعي  أن يرزقها الله .. عجلة .. كانت تنتظر عندما يترك أخوها العجلة بعدما يمل  من اللعب و تحاول أن تعلم نفسها ركوب العجل ...  بالفعل  تعلمت في الأوقات التي ءاختلستها     ..
و ذات يوم ، وقعت بالعجلة فانفصل الجزء الأمامي (التحكم) ..
لأول مرة ترى رنا أمها بهذا الكم من الغضب منها و لأول مرة تضربها.. و زاد على ذلك أن يكون على  مسمع و مرأى من كم من الأقارب و الأصدقاء تصادف آن كانوا ضيوفا بالبيت تدخلوا لتهدئة الأم لمنعها عن ضربها.. بكت رنا بحرقة ،" كل ده عشان لحام العجلة اتفك؟.. العجلة سهل تتصلح؟ لأني أخذت عجلته ؟ ما هو سمح لي العب بها شوية.. لأني ركبت عجلة أساساً؟ "  أسئلة دارت في رأسها لم تجد إجابة لها آنذاك   ...
'سيبوني أموتها' 'بترد على أخوها كل رد والتاني.. هتمحي شخصيته خالص.. هتضيعلي الولد' ...
تساءلت رنا بينها و بين نفسها :  " بتقولولي خلي بالك من إخواتك؟  لو ضرب إخواتي الصغيرين أسيبه ازاي؟؟ "  يومها كان غاية في السواد...  هي منبوذة و ممنوعة من حقوق لا تفهمها . .. .. 




4
بنت و ولد 


 و عدت السنين و عرفت رنا أن" في حاجة إسمها بنت و ولد".. البنت، لازم تكون مطيعة و مهاودة و أعلى منها مقاماً، الولد.. البنت،  عورة و لها نصف الحقوق .. وفي الشهادة،  هي بنصف شاهد..  تعلمت من المدرسة قرآن وأحاديث السنة.. تعلمت كيف جاء الاسلام لإنقاذ المظلومين و المساواة....  تعلمت كيف كان أهل شبه الجزيرة العربية يعبدون  الأصنام و يدفنون  البنات الرضع  في الرمل وهن أحياء.. كي يخفوا أنهم ولدوا بنت (وئد البنات) .. كيف حرر الاسلام الناس من العبودية شيئا فشيئا بعبقرية تحرير الرقاب .. تعلمت كيف أن   صوتها عورة .. زينتها فقط للزوج.. عندما تنوي الحج يوماً لا يجوز أن تحج بدون محرم (رجل)   ..  تعلمت لولا الاسلام لكان   استمر وئد الإناث .. أنه  من أكبر النعم و خصوصاً للعبيد والنساء. .. 

 و تكمل أم رنا التعليم في البيت بسرد ذكريات  والدها (جد رنا).  كان من كبار  أهل مدينته الصغيرة بجانب المنصورة. حيث  التعليم للبنات نادر ... من معتقداتهم أن البنات للزواج   فيكتفوا بتعليمهن  الكتابة والقراءة في معظم الأحيان لنهاية المرحلة الابتدائية  فقط . كان  رجل  محبوب و كان ملجأ أهل مدينته حين الحاجة و للحكمة..  أول من ناشد  بأن المساواة لا بديل لها.. قرر أن يجد سكناً بالمنصورة حيث المدارس المشهورة بتعليم راق..  كان يسعى و ينفق بسخاء على  مدرسين خصوصيين لتقويتهم في تعلم اللغات الأجنبية  أيضاً.  

 أنعم الله على والدة رنا بقدر عال من الجمال و الأنوثة  و اللياقة  البدنية، كانت ملكة جمال جامعتها و بطلة رياضية و لطالما  حكت لأطفالها عن قدر سعادتها و إمتنانها لأبيها الذي وضعها محل ثقة  و لم يفرق بينها وبين أخوانها الذكور لما التمسه فيها من قدرات عكس إحدى أخواتها الأضعف... شجعها على الرياضة و كان مرحباً برحلاتها الرياضية لمدن أخرى و حتى خارج البلاد لماتشات دولية... حيث كانت كابتن كرة الڤولي في الجامعة والنادي... 


5
وصايا غير العشر  

  
 و من ناحية أخرى، أمها ذكرتها "انتي بنت ما ينفعش تضحكي بصوت عالي.. ده أنا ماما الله يرحمها كانت ترزعنا بالقلم على بقنا لو سمعت صوت ضحك....  لو حد خطفك وهددك يقتلك  لو بإيه حتى عشان يغتصبك، خليه يموتك... الموت  أحسن ما ترجعيلي بمصيبة زي دي" (كانت نصيحتها عندما سمعت عن سلسله خطف و  إغتصابات في حيهم ).
  في نفس الوقت:
الأم: " لازم تتعلمي و تشتغلي عشان تبقي ملكة قرارك و تعتمدي على نفسك .  لازم تعززي  نفسك.. إوعي تجري ورا راجل ..إخص إخص إخص.. البنات الي بتعمل كده بترخص نفسها وهو نفسه يتف عليها بعد كده ..  إوعي لو إيه تقولي لواحد أنا بحبك ، كده ترخصي... ولا البنات الي بتعاكس الرجالة ؟! إخص إخص إخص" ( تقول ثلاث "  إخصات" مع القرص على الأنف و قلب الشفة السفلى للتنويه عن شدة الإمتعاض). 

 رنا امتصت ما تعلمت .. تسائلت و تظلمت.. نشأ بداخلها صراع كيف ترضي ربها و تؤمن أنها مخلوق تحت أمر الرجل فهو أوصي ان يحافظ عليها (قوام عليها) .. هو ينفق عليها و لذلك  أمر الله له بقدر أعلى من الانثى في الميراث مثلاً .. و هو أرزن منها (ناقصات عقل .. حسب إحدى الأحاديث الإسلامية  التي يقال أنها صحيحة- والله أعلم) في الشهاده هي بنصف شاهد.. و هو ذو شهوة أكثر و أقوى فعليها أن تداري مفاتنها وإلا انقض عليها بعينه أو يده أو أكثر و حين إذ ليس لها أن تلوم سوى نفسها لعدم ستر عوراتها التي لا حدود لها (حسب تفسيرات المفسرين)... و قد يتزوج من مثنى وثلاث و أربع ..حسب ما تعلمته في المدرسة... وشاهدته في قصص الإعلام و التلفزيون. 


6
ليه؟ 

 - "ليه يا مامي بيقولوا (النساء ناقصات عقل و دين)؟".
 - "عشان الست عاطفية فبتحكم قلبها قبل عقلها محدش قال انها ناقصة ذكاء"
 - "وليه لازم تجيب ستتين يشهدوا انما لو راجل واحد كفاية؟"
- "عشان الست  عاطفيه  و حنينة  بطبعها عشان تكون أم ، ممكن يصعب عليها حد فتغير شهادتها عشان يفلت من عقاب"
 - طب ليه ممكن الرجل يتجوز اتنين و تلاتة والست لأ؟؟" 
 - " لا طبعا الست بتحمل وتولد ازاي تتجوز اتنين وتلاتة ؟؟!!.. بعدين مين قال ان مسموح للرجل يتجوز اتنين الا في حالات معينه بس.. يعني لو الست مريضة ..أو  عايز اولاد .."
 - "ليه الرسول بيقول أن النار فيها ستات  أكتر من الرجالة؟"
 - " ده الجنة تحت أقدام الأمهات .. ده للستات الوحشة القذرة  "
  - "صحيح الرجل من حقه يضرب الست؟" 
- "مين قال كده؟" " ف القرآن في درس الدين"  .. عند هذه المناقشة  كانت أمها تسكت و تشرد و تقول "استغفر الله العظيم .. أنا دي مش هافتي فيها"  و تنهي الحديث... و في مرات أخرى، كانت أمها  تفقد هدؤها:  "آدي الي خدناه من الافلام الامريكي و أمريكا!!! متنسوش دينكم يا ولاد.. أنا خايفة عليكم.. إنتي بتصلي؟!!!  لازم تصلي يا رنا عشان الشيطان  يبعد عنك .. "استغفر الله العظيم"  التي كانت تقولها كان ممكن لانها فكرت و لم تجد رد  يخرس أسئلة رنا المتظلمة العاتبة ..

  و عدت الأيام و كبرت رنا بالفكر المنفصم ..تأبى آن  تكون  ذليل أحد،  رجل كان  او امرأة ،  كما علمتها أمها... متمرده  على التفرقة الغير عادلة بين البنت والولد مما تعلمت من  أمها و دروس الدين..

 سمعت  قصة صراع أمها مع الموت و هي في الولادة ..تكرارا
 "شايفين رنا دلوقت؟  دي كشِّت.. أنا لما كنت بولدها كانت أكبر... لما فقت  بالتفت لقيت جنبي حاجة كبيرة ...صرخت و  اتخضيت لما شفتها .. جالي تهتك في الرحم.. لولا إني كنت رياضية وعضلات بطني حديد كان زماني مت... الدكتورة الي كانت متابعاني سافرت قبل ما أولد.. رفضت أروح لدكتور رجل و مكنتش أعرف غيرها.. لحد ما نزفت جامد واضطروا ياخدوني المستشفى.. نفسي يا رنا تبقي دكتورة " ... و كبرت رنا لتصبح طبيبة.. 


7
أنا ماشية 

  ثم أصيبت أم رنا في ذات أنوثتها . توغل الخبيث في نهدها و صار يقتل في أنحاء جسدها و وجهها الجميل.. سرق منها كل شئ إلا بشاشة وجهها و خفة ظلها و بريق عينيها التي طالما احتار الناس في لونها حتى في رخصة السواقة.. "ملونة" .. ..  صارت كهلة من قبل أن تصل عمر الشيخوخة... حاربت و طالما نظرت الى رنا تفتش عن حقيقة  المرض ورنا تعلمت كيف  تخفي هول فزعها و قمة ألمها لتقنع أمها أنها بخير.. فسافرت للعلاج خارج مصر ...
 - "يلا بقة يا قطة عايزين نطلع من هنا" فتبتسم أمها مطمئنة أحياناً و شاردة أحياناً.
- "لا يا رنا ما تخليش راجل ييجي يكشف علية...  مين ده ؟ رجل يا رنا؟؟ !!!"
 - " يا قطة دي ست بس هي ناشفة شوية"
  - " ده راجل لا يمكن تكون دي واحدة ست !!!" مفزوعة.. 
 - "ست؟!! يعني معقول أحرجك يا قطة ؟!! " و تقلب أم رنا شفتيها و تطيل في النظرة الحائرة تتعمق في ملامح هذا الانسان لتطمئن نفسها انه بالفعل أنثى."  إخص إخص إخص"...تنظر لها رنا "يا قطه بطلي تبحلقي فيها" ... ترد الأم بابتسامتها المعهودة  "هاي كان يو سبيك إنجليش ؟"
فترد الممرضة و تلتفت الأم لرنا "ده صوت ست .. طيب" و تهدأ ..  

 شيئا فشيئا فقدت كل قدرتها على الحركة فصارت كاللعبة القماش غير قادرة على الحركة من أصابع قدميها حتى رقبتها.. وجه يبتسم و يشرد و عينان، برغم كل شئ ، لامعتين.. ساحرتين..ذات يوم ،  دخلت رنا الى حجرة أمها  لتجد الممرضات يحركن  جسد أمها الميت لغسلها و تغيير ملابسها  .. نظرت أمها إليها تسأل، دون كلمة ، "ستات دول يا رنا؟ ماتخليش رجل يشوفني كده"....  ومن خلالهم توسلت أيضا، في صمت صارخ،  أن لا تتركها لتلك الإهانة..  "كفاية كده!!!!.الحقيني !!  هو في إيه يا رنا ؟!!! مفيش علاج ؟؟؟  هي دي آخرتي أتهان بالشكل ده  ؟!!!  "ا.. 

يئس  الأطباء من إيجاد علاج... و كم أوصت تكرارا  أن تعود لبلاد مولدها لتدفن هناك بدلا من أرض غريبة حيث كانت تتلقى العلاج...   قبل ان تغلق عينيها لاخر مرة قالت لرنا : "انا ماشية" 
 - "يعني ايه يا قطة ماشية رايحة فين؟" لم ترد، و شردت عيناها "ردي.. أنا رنا.. نسيتيني؟" نظرت لها ولاول مرة لم ترى رنا في عيناها بريق، دون كلمة ، قالت "معقول يا رنا؟ أنساكي؟  يا غالية" غمضت عينيها .
و رغم توسلات رنا لها أن تفتحهم ثانية "طب ردي يا قطة أنا قلت لا إله إلا الله كملي ... " لم تكمل كما كانت  تفعل  من قبل.
" سامحيني يا قطة أنا آسفة قوي ... ما عرفتش أعملك أي حاجة.. أرجوكي سامحيني"


8
عفوا سيدنا الشيخ .. أنوثتها لن تقف عقبه الآن  

 - "لا سألت الشيخ قال لي الافضل تتدفن مطرح ما تموت" كان كلام صديقة أمها.
  - "بس مامتي وصتنا كلنا كذا مرة إنها تدفن جنب أمها" ردت رنا بذهول
  - "الشيخ قال لي مفروض بعد ما تموت يغسلوها ستات و ما تبانش عورتها على أي رجل و لا حتى جوزها يا رنا ..حفاظاً على كرامتها .. مجرد ما الروح بتطلع بيُحرّم عليها حتى زوجها  خلاص لان بينتهى الزواج  ساعتها.. يعني حتى بباكي ما يصحش يشوفها .. ممكن يشوف وشها لكن ما يمدش إيده عليها و لا يحضنها أو يبوسها ...  فتخيلي وهم بيحضروها للسفر ع الطيارة بيحطوا مادة ف العروق عشان الجثة ما تتحللش بسرعة.. دايما راجل هو الي بيعمل الكلام ده ف حرام تتكشف عليه"
 - "يعني لو ست هي الي بتعمل الكلام ده يبقى سليم؟" ردت رنا.
 - "أيوة بس مفيش ستات بتعمل الحكاية دي عشان كده ممكن لو كان الجثة راجل آه مفيش  مشكلة تركبيه طيارة  إنما الست صعب عشان حكاية كشف عورتها وهو بيحقن المواد  دي"
 - عشان ست ؟؟!! عشان ست؟؟! حتى بعد ما تموت حقوقها اقل؟؟؟ وريني نص القرآن؟؟؟ مفيش حاجة ف القرآن تقول كده!!!! ربنا ما يرضاش بكده ...وصتنا كلنا انها لازم تدفن فحضن أمها... معلش يا طنط موش مقتنعة بكلام الشيخ ده ..قالولي على  مكان إسلامي متخصص في إجرائات سفر جثمان الأموات لمصر... كفاية كده ..لو ذنب؟؟ أنا متحملاه....
 طنط  ... إحنا نمشي  في الإجرائات ، و لو ربنا معترض هيصعبها. لو راضي، هيسهلها " ...
 و سارت الإجرائات بسهولة ..
 "دايماً ربنا ما بيكسفنيش و يبعت لي ولاد الحلال " تهمس كلمات  والدة رنا المعهودة في أذنها  بعد ما تنتهي من أي مأمورية او خدمة تطلب منها...


9
بنت .. ولد.. كلكم حيوانات 

 و سافر جثمان أم رنا و دفنت "في حضن" أمها في مدافن النساء  بجانب  مدافن الرجال حيث مدفن أبوها وأخوها ... مثلما تمنت... 

تراها ملفوفة كالطفل الرضيع في كفنها الأبيض راقدة  إلى جانب جدتها قبل أن يغلق باب بيتهم الأخير "يااااه الموت راحة نفسي أشوف بابا و أكون فحضن أمي... وحشوني قوي" ..  تهمس  أمها في أذنها  ثانية ..فتعود  رنا  للبكاء ...
"هتوحشيني  قوي يا قطة" ..
"الميت  بيحس بالناس... لما  تزوروها،  لازم تقفوا هنا مكان رأسها " قال خال رنا لها .... 
 " فين  الحيوانات الي خلفتها؟ عايزة اشوفهم " تهمس الأم  فتتوقف رنا  عن البكاء  لتبتسم... 
 " هتوحشيني  يا قطة .. كلنا الحيوانات الي خلفتيها ...هههه" ..ترد رنا بصوت مسموع  فيرد أخيها  شادي  بدهشة "بتكلمي نفسك يا بطة؟"  ...


No comments:

Post a Comment